قوة اقتصادية
جاء إعلان وزارة المالية مؤخرا عن تحقيق الموازنة العامة للدولة فائضا بواقع 8.3 مليار ريال في الربع الثاني من العام الجاري ليعكس القوة الاقتصادية للدولة، بالتزامن مع قيام وكالات التصنيف الائتماني العالمية “فيتش” و”موديز” و”ستاندرد آند بورز” بتثبيت التصنيف السيادي للدولة مع نظرة مستقبلية مستقرة.
ولم تتوقف “البشائر” الاقتصادية عند هذا الحد، وإنما امتدت لتشمل تصدر قطر لدول مجلس التعاون الخليجي في مؤشر التعافي الاقتصادي الصادر عن مجلة ميد الاقتصادية العالمية، فيما كشفت نتائج الشركات المدرجة في بورصة قطر عن تحقيقها نموا من خانتين بنسبة 28.31 % خلال النصف الأول من العام الجاري، لتصل قيمة صافي أرباحها إلى 20.5 مليار ريال مقارنة مع مستوى 16 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتشير أحدث تقديرات بنك جولدمان ساكس الأميركي إلى أن أسعار النفط التي تدور حاليا حول مستويات 70 دولارا للبرميل قد تشهد ارتفاعا إلى مستويات 80 دولارا للبرميل بنهاية العام الجاري، وهو ما يوفر “أريحية” اقتصادية كبرى لزيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى، ويزيد من فوائض الموازنة، ويعزز البيئة التشغيلية للاقتصاد الوطني الذي يشهد تطورا متسارعا.
وبحسب التوقعات الاقتصادية، فإن دولة قطر ستشهد ارتفاعا في إجمالي قيمة المشاريع المتوقع ترسيتها إلى مستوى 90.95 مليار ريال في عام 2021، مقارنة مع مستوى بلغ 45.39 مليار ريال في عام 2020، وهو ما يعزز من نشاط القطاع الخاص ويرسخ مساهمته في مسيرة التنمية.
وتبدو آفاق المستقبل واعدة في ظل الرفع التدريجي لقيود كورونا والتعافي النسبي في الطلب على النقل الجوي وتكيف الشركات مع التداعيات التي أنتجتها الجائحة ومضيها قدما نحو تسيير أعمالها كالمعتاد والانطلاق نحو التوسع والنمو في حزمة قطاعات اقتصادية متنوعة.
وكذلك فإن المشاريع التنموية الكبرى المدرجة ضمن الموازنة تمضي قدما بوتيرة متسارعة، وعلى رأسها مشروع توسعة حقل الشمال، الذي يعتبر أكبر مشروع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء على مستوى العالم، والذي سيرفع طاقة دولة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا في الوقت الحاضر إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2025، وإلى 126 مليون طن سنوياً بحلول العام 2027، فيما ستؤدي التوسعة أيضا إلى إنتاج حوالي 4.000 طن من الإيثان، و263.000 برميل من المكثفات، و11.000 طن من غاز البترول المسال، إضافة إلى حوالي 20 طناً من الهيليوم النقي يوميا.
ويعتبر حقل الشمال القطري أكبر حقل للغاز الطبيعي غير المصاحب في العالم، حيث يحتوي على أكثر من 900 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وهو ما يمثل حوالي 10 % من الاحتياطي المعروف في العالم.
الأرقام لا تكذب.. والمؤشرات لا تتجمل.. والاقتصاد القطري يحصد حاليا نجاح استراتيجيته التنموية، ويجني ثمار مرونته الكبرى التي تتيح له التغلب على التحديات الاقتصادية من جهة، ودرء أيه مخاطر محتملة من جهة أخرى، ومن المؤكد أن مسيرة التنمية لن تتوقف عند هذا الحد، وإنما ستمضي في تحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، وهو الهدف الرئيسي لرؤية قطر 2030.