المونديال.. مكاسب كبرى
مع انطلاق مونديال ٢٠٢٢، وهو الحدث الرياضي الأبرز عالميا، تحقق قطر حزمة من المكاسب على جميع المستويات، ليس فقط من حيث عوائد البطولة البالغة ١٧ مليار دولار (٦١.٨٨ مليار ريال قطري)، وانتعاش جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية، وإنما في التأثيرات طويلة الأجل التي ستجني قطر ثمارها خلال السنوات المقبلة .
وأولى هذه الانعكاسات الإيجابية هو الترويج لقطر كوجهة استثمارية، حيث يستهدف المستثمرون الدوليون الدول التي تنظم أحداثاً عالمية كبرى، وبالتالي فإن المونديال يرسخ جاذبية الدولة كمركز مالي قادر على المنافسة واستقطاب تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، وخصوصا في ظل تطوير التشريعات الاقتصادية لتصبح أكثر مرونة، وتسهيل ممارسة أنشطة الأعمال في الدولة وتقديم محفزات للاستثمارات الأجنبية.
قطاع السياحة أيضا يحتل موقعا بارزا في قائمة أكثر القطاعات استفادة من المونديال، في ظل الطفرة التي تشهدها قطاعات الفنادق والترفية والسياحة، مع تدشين حزمة منشآت وشواطئ وفنادق ومشاريع، مما يزيد من نشاط القطاع السياحي، في ظل التوقعات باستقطاب أكثر من ١.٧ مليون زائر، الأمر الذي يمهد لتحويل قطر إلى وجهة سياحية عالمية.
ويمكن التأكيد على أن استضافة كأس العالم بنجاح سيمثل ركيزة أساسية لتحقيق رؤية قطر الوطنية ٢٠٣٠، التي تستهدف دعم القطاعات غير النفطية تحقيقا للتنويع الاقتصادي وتحفيز التنمية البشرية والاجتماعية والبيئية، فبالإضافة إلى بناء الملاعب الحديثة، نفذت الدولة حزمة مشاريع مستدامة تعزز نهضتها في جميع المجالات، وأبرزها مترو الدوحة ومدينة لوسيل وجزيرة قطيفان الشمالية وتوسعة مطار حمد، فضلا عن تطوير شامل للبنية التحتية وشبكة النقل، وهذه المشاريع ستنعكس إيجابا على أداء الاقتصاد الوطني في المستقبل، وستضمن استمرار زخم النمو الاقتصادي لعقود أخرى قادمة.
وبالتوازي مع ذلك، فإن جعبة المشاريع الكبرى في قطر لا تنضب ابدأ، حيث تباشر شركة قطر غاز، بالنيابة عن قطر للطاقة، تنفيذ مشروع توسعة حقل الشمال، وهو أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء عالميا، وسيضمن هذا المشروع تحفيز النمو الاقتصادي المستقبلي للدولة، ويتكون حقل الشمال من مرحلتين، الأولى من القطاع الشرقي، وتستهدف زيادة دولة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من ٧٧ مليون طن سنويا إلى ١١٠ ملايين طن سنويا بحلول عام ٢٠٢٦، كما سينتج المشروع كميات كبيرة من المكثفات، وغاز البترول المسال، والإيثان، والكبريت، والهيليوم، ليصل إجمالي الإنتاج ١.٤ مليون برميل نفط مكافئ يوميا. أما المرحلة الثانية فتشمل زيادة إنتاج الغاز من القطاع الجنوبي لحقل الشمال، والتي سوف ترفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في دولة قطر من ١١٠ ملايين طن سنويا إلى ١٢٦ مليون طن سنويا. ويتوقع بدء الإنتاج من مشروع القطاع الجنوبي (المرحلة الثانية) في عام ٢٠٢٧، حيث سيتضمن المشروع بناء خطي إنتاج عملاقين إضافيين (بسعة ٨ ملايين طن سنويا لكل منهما)، بالإضافة إلى المرافق البحرية والبرية المرتبطة بهما.
ويحتوي حقل الشمال القطري، وهو الأكبر عالميا، على أكثر من ٩٠٠ تريليون قدم مكعبة من الغاز، ما يمثل حوالي ١٠ ٪ من الاحتياطي المعروف في العالم، ويقع حقل الشمال قبالة الساحل الشمالي الشرقي لشبه جزيرة قطر، ويغطي مساحة تتجاوز ٦ آلاف كيلومتر مربع، ويمثل تطوير هذا المورد الطبيعي الكبير عاملاً هاماً في النمو الاقتصادي بدولة قطر، وتتم معالجة الغاز المنتج من هذا الحقل العملاق لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وتحويل الغاز إلى سوائل وإنتاج سوائل الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الصناعات الأخرى المرتبطة بالغاز، ونقل الغاز عبر خطوط الأنابيب.